العزيزات، الأعزاء،
كما تعلمون وتعلمن جميعا، لا يزال المنطق الرأسمالي يهيمن على المنظومة الغذائية باعتبار الغذاء مجرد سلعة مدرة للربح. في نفس الوقت، يواجه الرعي، كمكون مهم للغذاء، انتقادات واسعة بسبب آثارها المدمرة، بما في ذلك إزالة المساحات الخضراء التي أصبحت نادرة في الآونة الأخيرة، وتلوث المياه وانبعاثات غازات الاحتباس الحراري وفقدان التنوع البيولوجي. لكن، هل جميع أساليب الرعي تفضي إلى نفس النتائج؟
من المهم إدراك أن جميع أشكال تربية الماشية ليست متكافئة عندما يتعلق الأمر بالتأثيرات البيئية، فقد وضعت العديد من المجتمعات الأصلية في جميع أنحاء العالم قواعد تربية الماشية المستدامة بالطرق التي تدعم فعلًا صحة النظام الإيكولوجي وقدرته على الثَّبات لعدة قرون. وهذا ما يناقشه الكتاب التمهيدي الجديد "الماشية والمناخ وسياسات الموارد" الذي يقدمه المعهد العابر للقوميات (TNI) وشبكة سيادة. يستكشف الكتاب النظم الرعوية في مختلف أنحاء العالم و يشجعنا على إعادة النظر في إمكانات تربية الماشية المستدامة كحل بديل لمواجهة التحديات البيئية وبناء نظام غذائي أكثر استدامة وإنصافًا للجميع.
سيكون من المهم التعرف على تفاصيل أكثر حول هذا القطاع الحيوي على ضوء الأزمة الغذائية والاقتصادية والمناخية التي تتخلل منطقة شمال إفريقيا والشرق الأوسط. خصوصا كون المنطقة الأكثر تأثرا من جرّاءِ التداعيات البيئية والمناخية الوخيمة التي أفضت إلى استمرارية تدهور الأراضي الرعوية وندرة المياه والموارد الأساسية اللازمة للزراعة والمواشي. كما تواجه المجتمعات الرعوية بالمنطقة تحديات أخرى، مثل قلة الدعم الحكومي والإجراءات التي تعرقل على أساليب الرعي التقليدية واكتساح الأنظمة الرعوية الصناعية الراهنة المبنية على الاستغلال المكثف للثروات الحيوانية. وكذلك التعريف بكفاحات الفلاحين.ات والرعاة للحفاظ على استقلاليتهم.ن ضد هيمنة الشركات الكبرى بالمناطق الريفية التي أصبحت اليوم وجهات جديدة للتدخلات "التنموية" واستثمارات هذه الشركات.
وقد يبدو تخفيض استهلاك اللحوم واعتماد بدائل النظام الغذائي النباتي حلاً سهلا وعمليا لمواجهة إشكاليات الأنظمة الرعوية الصناعية. لكن الأمر أعمق من ذلك، وهذا من شأنه أن يكون سقفا زجاجيا يعيق الرؤية الشاملة لعملية توزيع الغذاء في سياقها الاقتصادي والاجتماعي والثقافي والبيئي، خصوصا عندما تكون التباينات المتعلقة باستهلاك المنتجات الحيوانية صارخة، وسوء التغذية منتشر على نطاق واسع في أجزاء كثيرة من المنطقة. ثم أن هنالك أشكال أخرى متوارثة عبر الأجيال من شأنها دعم الرعي التقليدي وأساليب أخرى من تربية الماشية المحترمة للبيئة والمساحات الرعوية، والتي أبانت عن نجاعتها في تعزيز التنوع البيولوجي وعزل الكربون ودعم سبل عيش ملايين الأشخاص حول العالم الذين يعتمدون على المعارف الحميمية والممارسات التقليدية لإنتاج الأغذية على نحو مستدام، نظرا لارتباطهم المستمر بالموارد الطبيعية.
أتمنى أن يلقى هذا المنشور اهتمامكم.ن ومساهمتكم.ن في فتح نقاش بناء حول الرعي المستدام وتطوير سبل دعم الفلاحين.ات والرعاة في المنطقة. في الرابط أسفله ملف إعلامي يتضمن نسخة من الكتاب وصور مقتبسة منه، وأهم الرسائل التي نود إبرازها. لكم.ن واسع النظر في الرسائل التي تودون نشرها.
https://drive.google.com/drive/folders/14zujvASDu1yeh-CrAJn1eB9-grHQ9-Vs?usp=sharing
نرجو منكم ومنكن نشر الكتاب على مواقعكم.ن ومشاركة هذه الرسالة مع المهتمين.ات بمواضيع مرتبطة بالسيادة الغذائية.
مع أخلص التحيات،
وفاء، المعهد العابر للقوميات
علي، شبكة سيادة
