الموضوع

Article de Presse
نشرت من قبل watch water في 10/10/2023 - 2:30 م

 

نقص المياه في أرياف طبرقة: شهادات من الأرض حول معاناة النساء الريفيات


 بين جبال خمير وبجانب بحيرات جبلية جميلة، تقع مدينة طبرقة التابعة إداريا إلى ولاية جندوبة. هذه المنطقة الخلّابة تُعتبر مصدرًا طبيعيًا للجمال والثروة الغابية والبحرية. ومع ذلك، تكمن تحديات كبيرة أمامها، تحديات تتعلق أساسا بنقص المياه أو على سبيل الدقة عدالة توزيع المياه الصالحة للشرب وتغير المناخ الذي انعكس بشكل واضح على غابات جبال الخمير المحيطة بالمنطقة وبالتالي أثر بشكل مباشر على حياة السكان.

منظمة نوماد 08 قامت بإطلاق مرصد المياه في جميع أنحاء تونس لمتابعة تحديات نقص المياه وتأثيراته على حياة السكان، حيث يهتم المرصد بتحديات توفير المياه ويسعى لإيجاد الحلول المناسبة من خلال تقديم مقترحات حلول واسناد للحركات الاحتجاجية المحلية من خلال المرافقة القانونية، أو تقديم دراسية علمية وتقنية حول الحلول الممكنة لتوفير مياه الشرب وغيره من الأنشطة التي تدعمها الجمعية أو مرصد المياه على حد السواء.

في هذا المقال، سنسلط الضوء على تحديات نقص المياه في منطقة طبرقة وأريافها من خلال الشهادات المؤلمة من النساء الريفيات، اللواتي يعيشن يوميًا مع تلك المشاكل. سنناقش أيضًا تأثيرات تغير المناخ على المنطقة، خاصة الحرائق الدامية التي اندلعت هذا الصيف بالإضافة إلى تقديم حلاً مقترحًا لمشكلة نقص المياه. سوف يحتوي هذا المقال على فيديو حاولنا من خلاله توثيق ورصد أغلب المشاكل التي تعترض سكان القرى المحيطة بمدينة طبرقة، وأيضا صورا توثق معاناة النساء في منطقة شعبة الربيع، بسبب تأثير الحرائق على الجبال المحيطة بمنطقة ملولة.

النساء الريفيات الأكثر تضررا من عدم توفر مياه الشرب 

للنساء الريفيات في أرياف مدينة طبرقة دور أساسي في توفير المياه لأسرهن وحيوانتهن المدجنة (الدجاج أو المواشي بأنواعها) أو الأنشطة الفلاحية العائلية التي يمارسهن مثل زراعة العلف أو تربية النحل وزراعة بعض الخضروات. 
تقوم النسوة بمهمة جلب المياه يوميًا من مصادرها مثل العيون أو الآبار إلى منازلهن وحقولهن الزراعية. هؤلاء النساء يواجهن تحديات متعددة، بدءًا من الرحلات الطويلة التي يقمن بها للوصول إلى مصادر المياه، وصولًا إلى عدم التيقن من توفر المياه عند الوصول إلى تلك النقاط. هذه الرحلات المرهقة تزيد من عبء النساء وتؤثر على صحتهن وجودة حياتهن اليومية.

علاوة على ذلك، تنعكس مشاكل نقص المياه على حياة النساء الريفيات من خلال تأثيرها على الزراعة.  الفلاحة العائلية هي مصدر رزق كبير للعديد من هؤلاء النساء وأسرهن، ونقص المياه يجعل الزراعة أمرًا صعبًا ويؤثر سلبًا على إنتاج المحاصيل وجودة الحياة.

للنساء الريفيات في طبرقة، فإن هذه المشكلات تمثل أعباءًا مضافة على كاهلهن، ويتعين على السلطات المحلية والوطنية التصدي لهذه المشكلة بشكل جدي. ينبغي تحسين البنية التحتية المائية، وتوجيه المزيد من الاستثمارات نحو تحسين توزيع المياه وضمان استدامتها. يجب أن يتم تعزيز الوعي بأهمية المياه وضرورة الحفاظ عليها.
 إن توفير المياه بشكل مستدام ليس مسؤولية النساء الريفيات وحدهن، لكن على أرض الواقع هن وحدهن المسؤولات.
 حيث حدثتنا الخالة مِيمة مرأة ستينية أردت مشاركتنا قصتها، و تجربتها الصعبة "عندما كنت متوجهة للحصول على مياه العين في منطقة شعبة الربيع (تبعد أقل من 6 كلم على وسط مدينة طبرقة)، وخلال تلك اللحظات الهادئة بجوار العين، كنت على وشك مواجهة خطر حقيقي. ظهر ذئب بجواري، وكان ذلك اللقاء مروعًا.


كان يجب علي أن أفعل شيئًا، وسرعان ما اتخذت قرارًا بالدفاع عن نفسي. بفضل الله، تمكنت من تفادي الهجوم والبقاء سالمة، حيث لم يهاجمني الذئب تخيلوا وحدكم أني في القرن 21 في تونس وفي مدينة يوجد بها ثلاثة سدود وعدد لا أعرفه من البحيرات الجبلية وأنا في الستين من العمر، أقابل الذئاب من أجل توفير شربة ماء رغم أن كل القرى المحيطة بشعبة الربيع مزودة بشبكة المياه الصالحة للشراب." 
 تلك اللحظة تجسدت فيها معاناة النساء في المناطق الريفية، حيث يواجهن تحديات خطيرة أثناء تزويد المياه لأسرهن، مقابل تجاهل كامل من سلط الإشراف المحلية والجهوية.
 تعكس أيضا هذه التجربة أهمية توفير وصول آمن وسهل للمياه وضمان سلامة النساء أثناء رحلاتهن للحصول على هذا الحق الأساسي. يجب أن نعمل جميعًا من أجل تحسين ظروف حياة النساء في المناطق الريفية وتخفيف معاناتهن.

نشير إلى أن مدينة طبرقة وأريافها، تمتاز بوفرة البحيرات والعيون الجبلية والسدود الممتلئة بالمياه رغم نقص الأمطار هذه السنة مثل سد الوادي الكبير(الخذائرية) وسد أولاد سدرة. وفي هذه المناطق الحدودية مع الجزائر، تتواجد قرى جبلية مثل الزويتينة وشعبة الربيع وهوما محرومتان من شبكة المياه الصالحة للشراب وعانت منطقة ملولة هي الأخرى من انقطاعات كبيرة في المياه الصالحة للشراب خاصة بعد الحرائق الأخيرة. 
 يعيش سكان هذه القرى معاناة يومية مع نقص المياه على الرغم من توفر المياه في النزل وعدد من المنشآت السياحية، إلا أن الأهالي يجدون صعوبة في الوصول إليها بسبب تقاعس السلط الجهوية وشركة استغلال وتوزيع المياه (الصوناد) في تزويد هذه القرى بشبكة المياه الصالحة للشرب.
 يحمل هذا المقال معه صور وفيديوهات توثيقية، بالإضافة إلى الشهادات التي تسلط الضوء على معاناة السكان وحاجتهم الملحة للمياه.
سكان هذه المناطق الريفية وخاصة النساء يعبّرن عن حاجتهن الملحة للمياه وتسهيل الوصول إليها بشكل مستدام. إنهن يضعن آمالهن على السلطات المحلية وشركة استغلال وتوزيع المياه (الصوناد) لتقديم الدعم والحلول الضرورية. ومن هنا يأتي دور المجتمع في دعم هذه الجهود وزيادة الوعي حول هذا التحدي الحيوي الذي يؤثر على حياة النساء والسكان في المناطق الريفية بطبرقة. أحد التحديات الرئيسية هو عدم توجيه الاستثمارات والجهود بشكل كاف إلى تحسين البنية التحتية المائية في هذه المناطق. فالسدود الموجودة تعتبر مكمنًا هامًا لتوفير المياه، لكن يبدو أن هناك حاجة للمزيد من التفكير في كيفية تحقيق استدامة هذه المصادر وتوجيه المياه بشكل أفضل.

بالإضافة إلى ذلك، يجب مراعاة التفاوتات الإقليمية في توفر المياه وضمان توزيعها العادل. كما ينبغي أن تكون هناك استراتيجيات واضحة للتعامل مع تغيرات المناخ وتأثيرها على توفر المياه.

بشكل عام، يمكن القول أن هناك حاجة ملحة إلى تعزيز التفاعل والتعاون بين الحكومة والمنظمات غير الحكومية والمجتمع المحلي لتطوير سياسات مائية أكثر فاعلية وتوجيه الاستثمارات بشكل أفضل لتحسين حياة السكان في هذه المناطق المهمشة، يجب أن نذكر أيضا أن السلط المحلية لم تتفاعل مع سكان منطقة ملولة والزويتينة وشعبة الربيع حول مشاكلهم إلى حدود نشر هذا المقال.

التغيرات المناخية كابوس آخر يلقي بظلاله على أرياف طبرقة

لا تزال آثار حرائق ملولة حاضرة في أذهان سكان تلك المنطقة. كان اللهيب يمتد بسرعة عبر الغابات الكثيفة، مخلفة وراءها مشهدًا مدمرًا.
 تضررت المساحات الخضراء التي كانت مصدرًا للحياة والموارد للسكان، وتحولت إلى رماد وحطام وأصبحت غابات الصنوبر الحلبي متفحمة تصدر رائحة كريهة أرهقت السكان صحيا وجعلت من عملية التنفس خانقة حسب شهادة أكثر من مواطن/ة هناك.

إن تلك الحرائق لم تمتد فقط لتلامس البيئة، بل انعكست تأثيراتها بشكل كبير على المجتمع المحلي. تم تدمير المنازل، وخسارة الممتلكات، وانقطاع المياه عن السكان، مما جعلهم يواجهون تحديات صعبة لاستعادة حياتهم السابقة والحفاظ على مورد رزقهم.

هذه الحرائق جاءت في إطار التغيرات المناخية التي تشهدها المنطقة. ارتفاع درجات الحرارة والجفاف الزائد يعززان اندلاع الحرائق ويتسببان في امتدادها بشكل أكبر. تجسد هذه الحوادث التحديات الجادة التي تواجهها المناطق الريفية والضرورة الملحة للتكيف مع التغيرات المناخية.
أكد لنا عماد التريكي وهو ناشط محلي ورئيس المجمع المهني للصيد التقليدي بطبرقة منطقة ملولة: 
"إن هذا المشهد الكارثي يجعلنا ندرك أهمية العمل المشترك للمحافظة على بيئتنا وضمان سلامة مجتمعاتنا. يجب علينا تعزيز جهودنا للوقاية من مثل هذه الحرائق والعمل على تعزيز الاستدامة في مواجهة التغيرات المناخية" 
هذه المشكلات تجسد الضرورة الملحة للتصدي لتحديات نقص المياه وتغير المناخ في منطقة طبرقة وأريافها. إن معاناة السكان تزيد من أهمية البحث عن حلاً جادًا وفعّالًا لهذه القضايا.
عماد يشارك تجربته مع انقطاع المياه أثناء الحرائق وما عقبها: "الماء يعني الحياة، ولكن لدينا هنا مشكلة كبيرة في توفيره. نحن نعتمد على الآبار الجبلية، لكنها لا تكفي دائمًا. في الأيام الجافة، يصبح الأمر مأساويًا. ولم تكن هذه أصعب المشاكل التي واجهناها هذا الصيف."

مقترحات الحلول حول التغيرات المناخية ومشكلة توفر مياه الشرب: 


1. تحسين البنية التحتية المائية: يجب على الحكومة الاستثمار في تطوير وصيانة الآبار والآبار الجبلية والبنية التحتية المائية بشكل عام. هذا يشمل تقديم التمويل والتكنولوجيا اللازمة لضمان توفير مياه نظيفة وآمنة للمناطق الريفية.

2. تعزيز الكفاءة في استخدام المياه: يجب تشجيع ممارسات فعالة لاستخدام المياه في المنازل والزراعة والصناعة. ذلك يمكن أن يتضمن تحسين نظم الري وتعزيز الوعي بأهمية توفير المياه.

3. تشجيع استخدام الطاقة المتجددة: يمكن تقليل الضغط على مصادر المياه من خلال تشجيع استخدام الطاقة المتجددة مثل الطاقة الشمسية والرياح لمحطات تحلية المياه.

4. زيادة الوعي بتغير المناخ: يجب توعية السكان بأثر تغير المناخ وكيف يمكنهم التحضير لهذه التحديات، بما في ذلك تقديم التدابير الوقائية من الحرائق.

5. دعم المشاريع الزراعية المستدامة: يمكن دعم الزراعة بمشاريع تعزز استدامة استخدام المياه وتحسين إنتاج المحاصيل بكفاءة.

6. التعاون مع المنظمات غير الحكومية: يجب تشجيع التعاون مع منظمات غير حكومية والمؤسسات المحلية لتقديم الدعم والمساعدة في تنفيذ مشاريع للمياه وتعزيز الوعي.

7. تعزيز التشريعات والسياسات: يجب على الحكومة وضع سياسات وتشريعات تدعم استدامة موارد المياه وتحفيز الاستثمار في هذا القطاع.

 

مقال لمالك الزغدودي

انشرها على