يعتبر الماء مقوم حياتي به يتحدد وجود الكائنات والانسان وهو أحد أهم مدخلات التنمية الاجتماعية والاقتصادية وعنصر الاستدامة البيئية وتوازن النظم الايكولوجية. أن هذه الأهمية البالغة لقطاع المياه يستوجب حماية وضمانة تراعي حق الانسان في الإمدادات المائية وكذلك وضعية الموارد المائية.
كما إن حق الإنسان في الماء يجيز لكل فرد الحصول على كمية من الماء تكون كافية ومأمونة ومقبولة ويمكن الحصول عليها مادياً وميسورة لاستخدامها في الأغراض الشخصية والمنزلية. فتوفير كمية كافية من الماء هو أمر ضروري لمنع الوفاة بسبب فقدان جسم الإنسان للسوائل والحد من مخاطر الإصابة بأمراض منقولة بالمياه. كما يشمل الحق في الماء حريات وحقوقاً في آن معاً وتتضمن الحريات، مواصلة الاستفادة من الإمدادات الموجودة للمياه اللازمة، والحق في عدم التعرض لما يعرقل ذلك مثل عدم التعرض لوقف تعسفي لإمدادات المياه أو تلوثها. وبالمقابل تتضمن الحقوق، نظام للإمدادات بالمياه وإدارتها يتيح التكافؤ في الفرص أمام الناس للتمتع بالحق في الماء. وقد كان للمعاهدات والصكوك الدولية دورا هاما في ضمان الحق في الماء فالبلاد التونسية لم تكن بمنآ عن هذه الخيارات من خلال تكريس مبدا الحق في الماء ضمن دستور 27 جانفي 2014.
ان تضمين المبدأ واعطاءه المرتبة دستورية تستوجب عديد اليات تطبيقية وعملية والتي تتمثل في خلق استراتيجيات وطنية يتحقق بموجبها توفر كميات مائية للأفراد على حد السواء وتتلاءم مع المتطلبات الحالية والمستقبلية. وينسجم ذلك مع إطار مؤسساتي ناجع لإدارة الموارد المائية يراعي خصوصيات الجهات.
لكن يبدو ان سياسات الدولة في التعامل مع هذا القطاع الحيوي لازالت مبنية على منظومة هشة وغير قادرة على استيعاب التحولات العميقة التي يشهدها القطاع خاصة في ارتباطه بالمجال الفلاحي وتأمين خدمات الماء الصالح للشرب التي تشكل تحديات في عملية المحافظة والترشيد للموارد المائية. لذلك يجب على الدولة باعتبارها الجهة التي تسهر على ضمان الحق في الماء تكريس منظومة تشريعية تواكب التطورات الاقتصادية والاجتماعية وتأخذ بعين الاعتبار الجانب الحقوقي للماء من أجل خلق موازنة اجتماعية تراعي احتياجات واستهلاك المواطنين. وانهاء العمل بالإطار التشريعي لسنة 1975 الذي أفرز واقعا لا يخلو من الصعوبات والاشكالات. حيث اجتاحت الانقطاعات المتكررة للماء جل مناطق البلاد وخاصة منها الريفية والتي يوكل فيها مهمة توزيع واستغلال المياه الى المجامع المائية التي أثبتت فشلها منذ زمن. كذلك تعطيل كامل للمشاريع المبرمج لصيانة المنشآت المائية التي تدخل ضمن دائرة الشركة الوطنية لاستغلال وتوزيع المياه كل هذه العراقيل يعود أسبابها الى غياب الرقابة والمحاسبة ووضع المواطن في علاقة اذعان مع مسدي هذه الخدمات في ظل غياب تام للدور الاجتماعي للدولة. كذلك تغييب المجتمع المدني في مثل هذه القضايا الحياتية ومحاولة طمس دوره الفاعل في خلق الموازنات والمقاربات الحقوقية والاجتماعية من العوامل التي جعلت من قطاع المياه يعاني من أزمة حقيقية.
لكن مقابل ذلك جمعية نوماد 08 في إطار مشروعها المرصد التونسي للمياه لم تساير هذا الطرح واتخذت من الميدان ملاذا للعمل وللتباحث حول الإشكاليات قطاع المياه وتشخيصها من خلال القيام بزيارات ميدانية للمناطق التي تشهد الانقطاعات المياه يأتي ذلك من الايمان اللامشروط بالقضايا الحقوقية والاجتماعية لأبناء هذا الشعب.
Télecharger le rapport en francais