الموضوع

تقارير
نشرت من قبل None في 23/01/2020 - 8:30 م

تقوم الجمعيات المائية في البلاد التونسية بإدارة واستغلال الموارد المائية والتي تزود المناطق السقوية الريفية بالماء وكذلك تسهر على إدارة حوالي 80 بالمائة من مجمل الموارد المائية سواء كانت مخصصة في التزويد بمياه الشرب او مياه الري ويبلغ عدد الجمعيات المائية حوالي 2500 جمعية.

ما يمكن قوله ان جل هذه الهياكل المتداخلة في قطاع المياه تعاني العديد من الإشكاليات سواء فيما يتعلق بالتسيير او التوزيع او فيما يتعلق بوضعية الأعضاء المسيرين. وللإلمام بهذه الإشكاليات يجب ضرورة وضع المجامع المائية ضمن الدارسة التشريعية لتبيان كيفية تسييرها ضمن الإطار القانوني المنظم لها. ثم دراسة الجوانب التقنية والعملية التي جعلت من الجمعيات المائية يسيل عليها كثيرا من الحبر دون إيجاد حلول جذرية.

حيث كانت لجمعية نوماد 08 في إطار مشروعها المرصد التونسي للمياه مناسبة للتباحث حول الإشكاليات التي تحيط بهذه الجمعيات المائية ضمن زيارة ميدانية لمدينة طبلبة من ولاية المنستير بتاريخ 23 جانفي 2020 اين وقع الالتقاء مع مجموعة من مسيري الجمعيات المائية وعرض جملة من التحديات والصعوبات التي يواجهونها.

لذلك يكون عرض هذه التحديات انطلاقا من الإطار القانوني المنظم لهذه المجامع المائية او الجمعيات ذات المصلحة المشتركة كما جاءت ضمن منطوق الامر المنظم لها الصادر بتاريخ 27 أكتوبر 1987.

حيث كان اول إطار تشريعي منظم لها هي مجلة المياه الصادرة بتاريخ 31 مارس 1975 التي احتوت على 3 ثلاثة فصول تحت الباب الثامن تحت عنوان جمعيات المستعملين وقد الغي وعوض الفصل 153 من المجلة بالفصل 3 من قانون عدد24 لسنة 2004 المؤرخ في 15 مارس 2004 وكذلك الفصل 154 و155 من نفس المجلة الغي وعوض بالقانون عدد 35 لسنة 1987 المؤرخ في 6 جويلية 1987. وقد أحال الفصل 155 المتعلق بتسيير الجمعيات ذات المصلحة المشتركة الى الامر عدد 1261 لسنة 1987 المؤرخ في 27 أكتوبر 1987. واحتوى هذا الأخير خمسة أبواب و19 تسعة عشرة فصلا.

لكن جل هذه الفصول جاءت في شكل إجراءات تسييرية تضمنت تركيبة ومهام الجمعيات ذات المصلحة المشتركة وكيفية انشاءها وتغاضت احكام هذا الامر على الوضعية القانونية للأعضاء المسيرين ولأي قانون مهني ينتمون. هذا السكوت التشريعي يبين نية المشرع آنذاك الذي أراد تهميش دور الأعضاء من خلال عدم اشتراط اية كفاءة او مستوى تعليمي واكتفى بأسمائهم والقابهم وعناوين الإقامة. كذلك لم يأتي هذا الامر على شكل الحماية التي يجب ان تتوفر لهؤلاء عند القيام بمهامهم وإمكانية التقاضي عند وجود نزاع حال دون توزيع المياه بشكل طبيعي.  تعتبر الامتيازات والتشجيعات التي يجب ان يتمتع بها مسيري الجمعيات ذات المصلحة المشتركة من اهم المحاور التي كان يجب ان يحتويها هذا الامر وذلك ما تضفيه هذه الأخيرة من نجاعة وفاعلية لتسييرها والتفرغ لتلك المهام.

كل هذه النقائص على المستوى التشريعي التي جاء بها الامر المذكور سالفا. اعيد نفس انتاجها ضمن مشروع مجلة المياه لسنة 2019 في العنوان الثالث الحوكمة في قطاع المياه تحت الباب الأول الإطار المؤسساتي والهيكلي للتصرف في المياه الذي احتوى على 3 ثلاثة فصول تعنى بالمجامع المائية. وتضمن الفصل 33 تعريف المجامع المائية والتي اعتبرها المشرع ذوات معنوية ذات مصلحة عمومية وتتمتع بالشخصية المدنية ومؤهلة للقيام بجميع الاعمال القانونية الداخلة في إطار انجاز مهامها.

هذا التطور الحاصل في الطبيعة القانونية للمجامع المائية لا يضفي شكل من اشكال النجاعة الفعلية وانما يعزز دور المهام الموكولة اليها دون مراعاة مسييريها الذين يطالبون بدمجهم ضمن القوانين المنظمة للوظيفة العمومية. ان هذا الحق يستمد شرعيته من الناحية القانونية وتحديدا من المهام التي يضطلعون بها من صيانة واعمال حفظ تستوجب جهدا ووقتا للقيام بها وكذلك تستوجب نفقات.

ليس من المعقول ان تدار كلّ أعمال الجمعيّات المائيّة بصفة مجانية و تطوعية من قبل المتساكنين دون رقيب!!

ان النظام القانوني المنظم للمجامع المائية عبر مراحله لم يحمل في طيلته ولو ضمنيا حقوق القائمين عليها بل عمق الازمة التي أتت بضلالها على الجانب التقني والفعلي حيث تضمن لقاء الزيارة الميدانية الذي كان بمعية مسيري الجمعيات المائية طرح جملة التحديات والصعوبات التي تمثلت أساسا في ضعف المداخيل وكثرة الديون المتخلدة بذمتها. رغم ما قام به هؤلاء من تحركات واتصالات بالسلط المعنية وعلى رأسها وزارة الفلاحة التي اعتمدت سياسة الهروب واللامبالاة.

وحسب ما أفاد به أحد الحضور انه تم الالتقاء بممثلي عن الوزارة المذكورة وتعهدت بجملة من الإجراءات منها تسوية الوضعية المهنية شريطة الحصول على امضاءات كافة القائمين على المجامع المائية بكامل تراب الجمهورية ورغم الجهود التي بذلت للقيام بذلك الا ان الوزارة المعنية لم تبدي أي اهتمام. كل هذه السياسات التي تنتهجها الدولة تجاه طالبي الحقوق تؤدي في شكلها الطبيعي الى تفاقم الصعوبات وعدم القدرة على القيام بالمهام المطلوبة واضطراب تزويد المتساكنين بالمياه.

هذا وقد عبر الحضور على جملة من المطالب أهمها: 

  • تسوية وضعية المجامع المائية التي لم تعد تستجيب لرهانات المرحلة الحالية وذلك لدخولها ضمن دائرة الديون اللامتناهية.
  •  تسوية الوضعية المهنية لمسيريها وخلق هيكل قانوني جديد يعني بهذه القطاع ويخلق مقاربة تأخذ بعين الاعتبار حالة الموارد المائية داخل هذه المناطق من جهة ووضعية المسيرين و ذلك بدمجهم مهنيا ضمن هذا الهيكل.

انشرها على